أنعم بوصلك لي فهذا وقته ** يكفي
من الهجران ما قد ذقته
أنفقت عمري في هواك وليتني **
أعطي وصولا ً بالذي أنفقته
يا من شغلت بحبه عن غيره **
وسلوت كل الناس حين عشقته
كم جال في ميدان حسنك
فارسٌ ** بالسبق فيك إلى رضاك سبقته
أنت الذي جمع المحاسن وجهه **
لكن عليه تصبري فرقته
قال الوشاة قد ادعى بك نسبة **
فسررت لما قلت قد صدقته
بالله إن سألوك عني قل لهم **
عبدي وملك يدي وما أعتقته
أو قيل مشتاقٌ إليك فقل لهم **
أدري بذا وأنا الذي شوقته
ومن المؤكد
أن كل من سيقرأ كلمات الغزل والغرام والعشق والهيام تلك سيفتح عينيه
ويتساءل أين العلاقه بين تلك الكلمات وبين حديثنا لهذا اليوم عن القرف
والإشمئزاز ؟
كانت
هذه الأبيات لشاعر إسمه تقي الدين السروجي
وكان مغرماً بالجمال وكان الشعراء أنفسهم يتغنون بكلماته ويرددون أشعاره والشيء العجيب أن هذا الرجل الذي
كان يتغنى بالجمال وينشد رقائق تسلب العقول كان يقرف من النساء ويكره مكاناً
فيه إمرأه ومن دعاه من أصحابه قال شرطي معروف وهو أن لا يحضر بالمجلس
إمرأه وكان يوماً في دعوه فأحضر صاحب الدعوه شواء وأمر بإدخاله إلى النساء
ليجعلنه في الصحون فلما أحضر بعد ذلك تقرف منه وقال كيف يؤكل وقد مسسنه
بأيديهن !!!
وهذه حاله عجيبه جداً !!!!
وحالة
القرف والإشمئزاز موجوده عند البشر ولكن
بدرجات متفاوته وجميعنا لدينا ردات فعل طبيعيه تجاه العوامل المثيره لإنفعال القرف والإشمئزاز كالقرف من الفئران
مثلاً ومن الأماكن القذره ومن الأطعمه الفاسده أو حتى التي نشك أحياناً
بنظافتها ونظافة من قام بإعدادها وأيضاً بعض السلوكيات أثناء الطعام
والتي يقوم بها البعض تكون غير مقبوله ومستهجنه وبدون حرج يمكننا القول
مقرفه !
ولكن
البعض تتطور حالة القرف والإشمئزاز عندهم
لدرجه غريبه وعجيبه وفي قريتنا إمرأه عندما يأتيها ضيوف تقوم باستقبالهم وأداء واجب الضيافه مع ضرورة تقيدهم
بما تمليه عليهم بالإضافه لمتابعتها الدقيقه لسلوكياتهم أثناء تواجدهم
وما أن يرحلوا حتى تبدأ بتنظيف المنزل وشطف الدرج وساحة المنزل وأمام
البوابه الرئيسيه أيضاً ! وإذا سلمت عليها إمرأه وأرادت تقبيلها فإنها
تضع الإشار على وجهها حتى لا تلامس شفاه تلك المرأه وجهها ومن ثم تقوم
بغسل يديها ووجهها عدة مرات وفي ما يتعلق بالطعام والشراب فتلك المرأه لا
تأكل أو تشرب خارج منزلها إطلاقاً إلا في حالات نادره جداً وبعد أن تتثبت
من نظافة ما يقدم لها ولا تجامل أو تتحرج من أحد حتى لو كانت أختها أو
كان أخيها
ولقد قام علماء النفس بإجراء العديد من
الدراسات والأبحاث الطبيه والسلوكيه والنفسيه وأعتقد بناءً على ما قرأت أنهم لم
يصلوا لتفسير واضح لأسباب تطور إنفعال القرف عند البعض لدرجه غير معقوله وأكثر
حديثهم كان عن علاقة إنفعال القرف بالوسواس القهري وبعض أنواع القلق الرهابي
وأشارت بعض الدراسات ( mckay,2006
) إلى قابلية إستجابة القرف المختله في مرضى الوسواس القهري للتحسن بنفس مباديء
العلاج السلوكي القائمه على التعرض التدريجي ومنع الإستجابه القهريه وتختلف مدة
العلاج وعدد الجلسات حسب شدة الحاله المرضيه وطول مدة المرض
ولكن يا ترى هل من الممكن أن يقبل من لديه
حاله متقدمه من القرف أن يذهب لطبيب أو مرشد نفسي ؟
أنا عن نفسي لا أعتقد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق