الخميس، 31 أكتوبر 2013

إذا نزل بك أمر



أوصى شهاب الدين السهروردي بعض أصحابه فقال :

يا أخي إذا نزل بك أمر من الله فاستعمل الرضى فإن الله مطلع عليك يعلم ما في ضميرك فإن رضيت فلك الثواب الجزيل , وأنت في رضاك أو سخطك لست تقدر أن تزداد في الرزق المقسوم والأمر المكتوم , فإن لم تجد إلى الرضى سبيلاً فاستعمل الصبر فإنه رأس الإيمان , فإن لم تجد فعليك بالتجمل , ولا تشك من ليس بأهل أن يشكى وهو أهل الشكر والثناء فإذا اضطررت وقل صبرك فالجأ إليه بهمك واشك إليه بثك واحذر أن تستبطئه وتسيء به ظناً فإن كل شيء بسبب ولكل سبب أجل ولكل أجل كتاب ولكل هم من الله فرج ومن علم أنه بعين الله تعالى إستحى أن يراه يرجو سواه ومن أيقن بنظر الله إليه أسقط اختيار نفسه ومن علم أن الله الضار النافع أسقط مخاوف المخلوقين

فراقب الله واطلب الأمور من معادنها واحذر أن تعتمد على مخلوق فإن غنيهم فقير وفقيرهم ذليل وعالمهم جاهل وجاهلهم حائر في فعله إلا القليل ممن عصم الله سبحانه فاتق الفاجر من العلماء والجاهل من العباد فإنهم فتنه لكل مفتون .

الأحد، 27 أكتوبر 2013

وصفه طبيه لعلاج الذنوب





قال أفلاطون : 
كما أن لهذه الدنيا شمساً يستضاء بها ويـُعرف بها الليل من النهار والأوقات والأشخاص والأجرام فكذلك للنفس نور تميز به بين الخير والشر وهو الحكمه فإن الحكمه أشد ضياءً من الشمس وإن للنفس صحة ً وسقماً وحياة ً ونحوتاً فصحتها بالحكمه وسقمها بالجهل وحياتها بأن تعرف خالقها وتتقرب إليه بالبر وموتها أن تجهل خالقها وتتباعد عنه بالفجور . 

والفجور هي الذنوب واتباع الأهواء والرغبات التي تلح عليها النفس من دون رادع أو مانع إنها ذلك المرض الذي يصيب النفس قبل أن يفتك بالجسد 
 الذنوب توجد ظلمة في القلب، وتسلب صفاء النفس، وتنزع البهاء من الوجه , وتورث الفقر , وتطمس العلم هذا عدا عن العقاب الشديد في الآخره لمن رحل بنفس عليله محمله بالآثام والمعاصي .

ولقد تعامل الإسلام مع هذا المرض بمنهج يطابق تماماً المنهج الطبي بشأن صحة الإنسان وسلامته ونجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كالطبيب الحاذق على رأس المريض ووصفه الإمام علي رضي الله عنه بقوله: 
" طبيب دوّار بطبِّه، قد أحكم مراهمه وأحمى مواسمه، يصنع ذلك حيث الحاجة إليه في قلوب عمي، واذان صم، وألسنة بكم ". 
ففي وصف الإمام علي  للنبي صلى الله عليه وسلم أنه كان طبيباً سيّاراً، يحمل معه في حقيبته الأدوية اللازمة للتضميد والمعالجة فإذا وجد قلوباً عمياء وأرواحاً صمَّاء قام بمعالجتها وأنقذ الناس من الموت المعنوي والإنهيار الخلقي.

وعن كيفية هذا العلاج ومراحله فقد أبدع أحد الحكماء في إعداد وصفه شافيه لعلاج الذنوب وعلى لسان طبيب في قصة تقول :

وقف رجل على طبيب وحوله خلق كثير بأيديهم قوارير والطبيب يقابل كل عله بدوائها يعطي لهذا القابض ولهذا المسهل ولهذا الحار ولهذا الرطب .  فوقف الرجل وقال :

 أيها الطبيب أعندك دواء لداء الذنوب يرحمك الله ؟!!! 

فأطرق الطبيب رأسه الى الأرض ثم رفعه وقال

إسمع دواءً إن عملت به رجوت لك الشفاء إن شاء الله

خذ عروق الفقر وزنجبيل الصبر واخلطهما بسفوف الذكر وامزجهما برقائق الفكر واجعل معهما إهليلج التواضع والخشوع ودقه في مهراس التوبه والخضوع ولته بماء الدموع

واجعله في طنجير التذلل وأوقد تحته نار التوكل

وحركه بملعقة الإستغفار حتى يزيد زبد التوفيق والوقار

ثم ضعه في آنية المحبه وبرده بمروحة الموده وصفـّه بمصفى الأحزان وصب عليه عصير الأجفان واجعل معه حقيقة الإيمان وامزجه بخوف الرحمن وتغذ ّ قبل شربه بمر الصيام ودم على هذا ما عشت من الأيام

وإياك أيها العليل أن تقرب في أيام دوائك شيئاً من الآثام

فإنها تجدد عليك ما رجوت برءه من الأسقام وتجنب في دوائك العجب والرياء والبس لباس الحياء

وشد على وسطك منطقة الصدق والوفاء وإياك أن تدخل بيتك إلا من باب التوبه والصفاء

فإذا دمت على هذا الدواء صفا قلبك بين القلوب وزالت عنك أوجاع ألم الذنوب

الجمعة، 25 أكتوبر 2013

مكارم الأخلاق




الأخلاق مجموعة من المبادئ والقيم والقواعد العامة لتوجيه السلوك البشري داخل المجتمع نحو تحقيق ما يُعتقد أنه الخير و تَجَنُّب ما يُنظر إليه على أنه يُجَسِّد الشر

ويعتبر نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأكملهم خلقاً وأدباً ولقد جاءنا بدين كله أخلاق وفي ذلك يقول :   إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق
ولقد أتمها بالفعل وأسس للبشريه قواعد لو اتبعها الناس لصلح حالهم وطابت معيشتهم , وقال له رجل يوماً : أوصني . فقال له : إتق الله حيث كنت . قال : زدني . قال : أتبع السيئة الحسنه , قال : زدني . قال : خالط الناس بخلق حسن .

وعدد الإمام علي رضي الله عنه مكارم الأخلاق والصفات التي يستدل بها على أخلاق المرء بقوله :

إن المكارم أخلاق مطهرة  **  فالعقل أولها والدين ثانيها 
والعلم ثالثها والحلم رابعها   **  والصبر خامسها والصدق ساديها
والشكر سابعها والجود ثامنها  **  والرفق تاسعها واللين عاشيها
والنفس تعلم من عيني محدثها **إن كان من حزبها أو من أعاديها

وقال بعض الحكماء : 
ذللوا أخلاقكم للمحاسن وقودوها إلى المحامد وعلموها المكارم وعودوها الجميل واصبروا على الإيثار على أنفسكم وتكرموا بالغنى عن الإستقصاء وعظموا أقداركم بالتغافل عن دني الأمر وأمسكوا رمق الضعيف بالمعونه وصلوا من رغب إليكم بجاهكم إن لم يكن بمالكم ولا تقيموا على خلق تذمونه من غيركم وأصلحوا ما بدر منكم ولو بالتخلق إن لم تكن حشمه وإياكم والكبر فإنه رأس المقت وثوب البغضه عند الله والناس

وأوصت أعرابيه إبنها فقالت :
 يا بني عليك بحسن الخلق وجميل العشره ولطف الموافقه ولين الجانب والإحتمال للصاحب وكف الأذى والمقاسمه في العزاء فإنك تستميل القلوب وتنال كل مرغوب ويحفظك علام الغيوب .

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال : 
ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخره

وأما سيء الخلق فتحدث عنه أحد الصالحين فقال :
وأما السيئُ الخلق فأشقى الناس به نفسُهُ التي بين جنبيه، هي مِنه في بلاء، ثم زوجته، ثم ولده، حتى أنه ليدخل بيته، وإنهم لفي سرور، فيسمعون صوته، فينفرون منه فرَقًا منه، وحتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة، وإن كلبه ليراه فينزو على الجدار، حتى إن قِطَّهُ ليفر 

وقال بعض العلماء : 
لا أحد أجمع من السفيه للخلال المذمومه وأبعد منه من الخصال المحموده فإنه لا يستحي من المحال ولا يرى العار في حال فاحذره جهدك وباعده عمرك فإن اضطرك الدهر إلى الجمع به فأعد له حلماً تدفع به شره وصبراً تقمع به ضره ولا تبتئس بما أعلق بك ولا تبال عما أصاب إليك وكن معه كمن مر بروضة شوك يسعى في تخليص جسده عنها ولم يسأل عما تعلق بثيابه منها .


 

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

قالت الحكماء

                           
                                قال تعالى :
 ( ومن يؤت الحكمه فقد أوتي خيراً كثيراً )

وقالت الحكماء :
الحكمه نور الأبصار وروضة الأفكار ومطية الحلم وكفيل النجاح وضمين الخير والرشد والداعيه الى الصواب والسفير بين العقل والقلوب لا تندرس آثارها ولا تعفو ربوعها ولا يهلك امرؤ بعد عمله بها . وهنا مختارات من كتاب أندلسي قديم غايه في الروعه يختص بأقوال الحكماء . ومما قالوا :

من تعجل أخطأ أو كاد

من يزرع خيراً يحصد رغبه ومن يزرع شراً يحصد ندامه

من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله

من أحب ان يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه

من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير

من عرف قدره علا أمره

من استحى من الناس ولم يستحي من نفسه فلا قدر لها عنده

من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر 

ومن نظر في العواقب نجا

ومن أطاع هواه ضل

ومن لم يحلم ندم ومن صبر غنم ومن خاف أمن ومن اعتبر أبصر ومن أبصر فهم ومن فهم علم

من عرف بالصدق جاز كذبه ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه

من استغنى بالله اكتفى

من كان بقليل الدنيا لا يقنع لم يغنه منها ما يجمع

من لم يتعظ بالناس اتعظ به الناس ومن لم يكن له من نفسه واعظ لم تنفعه المواعظ

من بحث عن عورات المسلمين فضحه الله في بيته

من غرس العلم اجتنى النباهه

ومن غرس التزهد اجتنى العز

ومن غرس الاحسان اجتنى المحبه

ومن غرس الفكره اجتنى الحكمه

ومن غرس الوقار اجتنى المهابه 

ومن غرس المداراه اجتنى السلامه 

ومن غرس الكبر اجتنى المقت

ومن غرس الحرص اجتنى الذل

ومن غرس الطمع اجتنى الخزي

ومن غرس الحسد اجتنى الكمد

ومن لا عقل له فلا دنيا له ولا آخره

ومن خوفك لتأمن خير لك ممن أمّنك لتخاف

ومن سقاك مراً لتبرأ خير لك ممن سقاك حلواً لتسقم

ومن لانت كلمته وجبت محبته


الخميس، 17 أكتوبر 2013

تأملت الحياة





من روائع جبران خليل جبران

تأملت في الطبيعه ملياً فوجدت فيها شيئاً لا حد له ولا نهايه , شيئاً لا يشترى بالمال , شيئاً لا تميته أحزان الخريف ولا تمحوه دموع الشتاء , شيئاً لا توجده بحيرات سويسرا ولا متنزهات إيطاليا , شيئاً يتجلد فيحيا في الربيع ويثمر في الصيف ... وجدت فيها المحبه !

كل شيء حسن في الحياة حتى المال لأنه يعلم الإنسان أمثوله , فالمال كالآرغن يُسمع من لا يحسن الضرب عليه ألحاناً لا ترضيه , والمال كالحب ... يميت من يبخل به ويحيي واهبه !

كان بدء المدينه عندما حفر الإنسان الأرض لأول مره وطرح فيها البذور وكان الدين عندما عرف الإنسان عطف الشمس على البذور التي طرحها في الأرض وكان بدء الفلسفه عندما أكل الإنسان من غلة الأرض حتى التخمه !

من يبيعني فكراً جميلاً بقنطار من الذهب ؟ ومن يأخذ قبضه من الجواهر بدقيقة محبه ؟ من يعطيني عيناً ترى الجمال ويأخذ خزائني ؟ إن ظمأ الروح أعذب من إرتواء الماده , وخوف النفس أحب من طمأنينة الجسد !